في عام 1925 انطلقت الثورة من جبل الدروز لتشمل سورية كلها و جزءاً من لبنان. و قد تولى سلطان باشا الأطرش قيادتها بالإجماع، و تعد من أهم الثورات ضد الاحتلال الفرنسي بسبب أنها شملت سورية كلها و امتازت بمعارك ضارية بين الثوار و القوات الفرنسية. و كان لها العديد من النتائج الملموسة.
كان من الأسباب المباشرة للثورة اعتداء الفرنسيين على التقاليد المحلية و سوء معاملة الأهالي، أما من الأسباب البعيدة نقمة أهالي جبل الدروز على فصل الجبل عن سورية الأم و الأوضاع المعاشية السيئة في ظل الانتداب الفرنسي.
معركة الكفر و بدايات الثورةبدأ سلطان بالتنقل بين قرى الجبل يحرض الأهالي على الثورة ضد الفرنسيين و يستثير النخوات و كانت أول عمليات الثورة العسكرية إسقاط الثوار طائرتين فرنسيتين إحداهما و قعت قرب قرية امتان و أسر طيارها، تجمع الثوار بقيادة سلطان ثم هاجموا صلخد في 20 تموز 1925 و أحرقوا بمساعدة أهلها دار البعثة الفرنسية فانطلقت في اليوم نفسه حمله فرنسية بقيادة نورمان الذي استخف بقدرات الثوار اتجه إلى الكفر و أمر جنوده بالتمركز حول نبعها.
أرسل سلطان إلى نورمان مبعوثاً لينصحه بالانسحاب فأجابه بالرفض و كرر التهديدات بالقبض على سلطان و أعوانه و أنه يمكنه أن يقتل ثلاثة آلاف درزي بالرشاش الذي معه. و قال لهم إذهبوا إلى سلطان و قولوا له أنني بانتظاره على أحر من الجمر في هذا المكان.
بدأت المعركة ظهراً و لم تدم أكثر من نصف ساعة. و حالت سرعة الهجوم و هول المفاجأة بين الفرنسيين و أسلحتهم. و بدأ القتال بالسلاح الأبيض و دخل الثوار بين الفرنسيين و قتل نورمان قائد الحملة قضى الثوار على الحملة كلها تقريباً. كانت خسائر الدروز في معركة الكفر 54 شهيداً و تذكر المراجع الفرنسية أن 172 جندياً فرنسياً قتلوا بينما يذكر من حضروا المعركة أن خسائر الفرنسيين كانت أكثر من ذلك بكثير و تقدر بعدة آلاف (يذكر الجنرال أندريا أنه لم ينجو من معركة الكفر من الجنود الفرنسيين إلا خمسة، أنظر المرجع الأول ص 85)
بتاريخ 23 آب، عام 1925 أعلن سلطان باشا الأطرش الثورة رسمياً ضد الفرنسيين، فانضمت دمشق وحمص وحماه ونواحيها إلى الثورة، قاد الأطرش العديد من المعارك الظافرة ضد الفرنسيين كان من أبرزها: معركة الكفر و معركة المزرعة في 2 آب، 1925، و معارك الإقليم الكبرى، و معركة صلخد، و المسيفرة، و السويداء وغيرها.
عرض الفرنسيون على سلطان باشا الأطرش الاستقلال بالجبل و تشكيل دولة مستقلة يكون هو زعيمها مقبل وقف الثورة لكنه رفض بشدة مصراً على الوحدة الوطنية السورية.
عاد سلطان باشا الأطرش إلى سوريا في 18 أيار، 1937 بعد توقيع المعاهدة السورية الفرنسية عام 1936 واستقبل استقبالاً شعبياً هائلاً.
[ نتائج الثورة
- أجبرت الثورة فرنسا على إعادة توحيد سورية بعد أن قسمتها إلى أربع دويلات: دمشق، وحلب، وجبل العلويين، وجبل الدروز
- اضطرت إلى الموافقة على إجراء انتخابات فازت فيها المعارضة الوطنية بقيادة إبراهيم هنانو وهاشم الأتاسي.
- اضطرت فرنسا إلى عزل مفوضيها الساميين وضباطها العسكريين في سورية وتعيين البدائل عنهم، كما حصل مثلاً مع المفـوض السامـي (سرايل) بعـد مهاجمة الثـوار لقصر العظـم بدمشق، فعينت المسيو (دي جوفنيل)
- قصفت دمشق بالطيران لمدة 24 ساعة متواصلة
- أرسلت فرنسا أحد أبرز قياديها الجنرال غاملان بعد تزايد قوة الثوار وانتصاراتهم.
[ النضال ما بعد الثورة السورية الكبرى الأطرش في الصحراء العربية بعد الانتفاضة.
لم يتوقف نضال سلطان الأطرش بعد الثورة، بل شارك أيضاً بفعالية في الانتفاضة السورية عام 1945 و كان جبل الدروز بتوجيه منه أسبق المقاطعات السورية في طرد الفرنسيين إذ طوق أبناءه مراكزهم و أخرجوهم فكان ذلك بداية خروجهم من سورية، كما دعا في العام 1948 إلى تأسيس جيش عربي موحد لتحرير فلسطين، وبالفعل تطوع المئات من الشباب واتجهوا للمشاركة الفعلية في حرب 1948.
وأثناء حكم الشيشكلي، تعرض سلطان لمضايقات كثيرة نتيجة اعتراضه على سياسة الحكم، فغادر الجبل إلى الأردن في كانون ثاني 1954، عندما عمّ الهياج أنحاء سورية لاسيما بين الطلبة الذين كانوا في حالة إضراب مستمر، واعتقل العديدون بينهم منصور الأطرش أحد أبناء سلطان الأطرش، فجرت محاولة درزية لإخراجه من السجن أدت إلى اشتباك مسلح، سرعان ما تحولت إلى معركة في جبل الدروز، وعاد الأطرش إلى بلده بعد سقوط الشيشكلي. أيد سلطان الأطرش الانتفاضة الوطنية التي قادها الزعيم الدرزي كمال جنبلاط في لبنان عام 1958، ضد سياسة كميل شمعون، كما بارك الوحدة العربية التي قامت بين مصر وسورية عام 1958، ووقف بحزم وثبات ضد عملية الانفصال عام 1961.
[ أيامه الأخيرةتفرغ سلطان في أواخر حياته للنشاطات الاجتماعية والتنمية في الجبل و قد رفض الأطرش أي مناصب سياسية عرضت عليه بعد الاستقلال. و كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قد كرم سلطان باشا الأطرش في عهد الوحدة فقلده أعلى وسام في الجمهورية العربية المتحدة، أثناء زيارته لمحافظة السويداء.
و في عام 1970، كرم الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد الأمير سلطان باشا الأطرش لدوره التاريخي في الثورة السورية.
[ وفاة الأطرشتوفي سلطان باشا الأطرش عام 1982 بسبب أزمة قلبية، وحضر جنازته أكثر من مليون شخص، و أصدر رئيس الجمهورية حافظ الأسد رسالة حداد شخصية تنعي القائد العام للثورة السورية الكبرى، وأطلق اسمه على شوارع وبنايات عدة في بلاد الشام، وعين يوم رحيله يوما تأبينيا في كل سنة وفي مدينة رام الله، دشن الرئيس الراحل ياسر عرفات نصبا تذكاريا تحية وفاء إلى شهداء الحامية الدرزية الذين ارسلها سلطان باشا الاطرش للدفاع عن فلسطين وقتلوا قرب مدينة نابلس، عاصمة جبل النار.
[ المراجع
- الجنرال أندريا، ثورة الدروز و تمرد دمشق. ترجمة:حافظ مصلح - المكتبة الحديثة للطباعة و النشر (بيروت) - الطبعة الثانية 1985
- د. حسن أمين البعيني، سلطان باشا الأطرش مسيرة قائد في تاريخ الأمة - معرض الشوف الدائم للكتاب - الطبعة الثانية 2001
- الدكتور صالح زهر الدين، موسوعة رجالات من بلاد العرب - المركز العربي للأبحاث والتوثيق - طبعة أولى 2001 ص(266 - 277).
- مسعود الخوند، الموسوعة التاريخية الجغرافية - لبنان، بيروت 1997، الجزء العاشر ص(216 - 218).
- شبلي العيسمي، جبل العرب (ص 52)
إلى السلاح إلى السلاحمن ويكي مصدر، المكتبة الحرةاذهب إلى: إبحار, بحث
في 7 تموز 1922، كانت ثورة سلطان الأطرش الأولى على الفرنسيين لاعتدائهم على التقاليد العربية في حماية الدخيل، حين اعتقلوا (أدهم خنجر) الذي كان في حماية الأطرش بينما كان غائباً عن داره، وكان خنجر قد لجأ إليه وطلب حمايته بعد عملية اشترك بها واستهدفت اغتيال الجنرال غورو. بتاريخ 23 آب 1925 أعلن سلطان الأطرش الثورة رسمياً ضد الاحتلال الفرنسي ، فانضمت عدة مدن سورية كدمشق وحمص وحماه ونواحيها إلى الثورة. وفيما يلي الدعوة التي وجهها سلطان الأطرش للثورة ضد الاحتلال الفرنسي لسوريا عام 1925:[] إلى السلاح، إلى السلاحيا أحفاد العرب الأمجاد. هذا يوم ينفع المجاهدين من جهادهم، والعاملين في سبيل الحرية والاستقلال عملهم. هذا يوم انتباه الأمم والشعوب. فلننهض من رقادنا ولنبدد ظلام التحكم الأجنبي عن سماء بلادنا. لقد مضى علينا عشرات السنين ونحن نجاهد في سبيل الحرية والاستقلال، فلنستأنف جهادنا المشروع بالسيف بعد أن سكت القلم، ولا يضيع حق وراءه مطالب.
أيها السوريون، لقد أثبتت التجارب أن الحق يؤخذ ولا يعطى، فلنأخذ حقنا بحد السيوف، ولنطلب الموت توهب لنا الحياة.
أيها العرب السوريون، تذكروا أجدادكم وتاريخكم وشهداءكم وشرفكم القومي. تذكروا أن يد الله مع الجماعة، وأن إرادة الشعب من إرادة الله، وأن الأمم المتحدة الناهضة لا تنالها يد البغي. لقد نهب المستعمرون أموالنا، واستأثروا بمنافع بلادنا، وأقاموا الحواجز الضارة بين وطننا الواحد، وقسمونا إلى شعوب وطوائف ودويلات، وحالوا بيننا وبين حرية الدين والفكر والضمير، وحرية التجارة والسفر، حتى في بلادنا وأقاليمنا.
إلى السلاح أيها الوطنيون، إلى السلاح، تحقيقاً لأماني البلاد المقدسة. إلى السلاح تأييداً لسيادة الشعب وحرية الأمة. إلى السلاح بعدما سلب الأجنبي حقوقكم، واستعبد بلادكم، ونقض عهودكم، ولم يحافظ على شرف الوعود الرسمية، وتناسى الأماني القومية.
نحن نبرأ إلى الله من مسؤولية سفك الدماء، ونعتبر المستعمرين مسؤولين مباشرة عن الفتنة. يا ويح الظلم لقد وصلنا من الظلم إلى أن نُهان في عقر دارنا. فنطلب استبدال حاكم أجنبي محروم من مزايا إنسانية، بآخر من بني جلدته الغاصبين، فلا يُجاب طلبنا بل يُطرد وفدنا كما تطرد النعاج.
إلى السلاح أيها الوطنيون، ولنغسل إهانة الأمة بدم النجدة والبطولة. إن حربنا اليوم هي حرب مقدسة. ومطالبنا هي:
- وحدة البلاد السورية، ساحلها وداخلها، والاعتراف بدولة سورية عربية واحدة مستقلة استقلالاً تاماً.
- قيام حكومة شعبية تجمع المجلس التأسيسي لوضع قانون أساسي على مبدأ سيادة الأمة سيادة مطلقة.
- سحب القوى المحتلة من البلاد السورية، وتأليف جيش وطني لصيانة الأمن.
- تأييد مبدأ الثورة الفرنسية وحقوق الإنسان في الحرية والمساواة والإخاء.
إلى السلاح، ولنكتب مطالبنا هذه بدمائنا الطاهرة كما كتبها أجدادنا من قبلنا. إلى السلاح والله معنا. ولتحيا سوريا العربية حرة مستقلة.
سلطان الأطرش
قائد عام جيوش الثورة الوطنية السورية