موضوع: اثار منطقه السويداء السبت 1 مارس 2008 - 21:19
لمحافظة السويداء تاريخ يتجذر عميقاً في تربة الحضارة ليثمر فكراً وعمراناً وفنوناً شتى.. فقد أبدعت الأمم التي حطت على هذه الأرض، فكانت ابداعاتها آيات من الحسن والدقة والكمال خلدت حكايات ونسجت أساطير لا تنسى ولا تمحى، وعبر نظرة إلى آثار محافظة السويداء ستبدو لنا الأهمية التاريخية والحضارية التي تمتعت بها هذه المحافظة، فقد شهدت على الأقل، ثلاث مراحل للسكن الحضري خلال الأربعة آلاف سنة السابقة لميلاد السيد المسيح في العصور (الحجري النحاسي -البرونزي القديم - البرونزي الوسيط).. ومن المواقع المكتشفة والممثلة لهذه المراحل (تل ظهير - خربة الأنباشي - خربة الهبارية - تل دبة بريكة).. وما بقي في المحافظة من أوابد أثرية من العصور، فهي كثيرة نجدها في معظم مناطق وقرى المحافظة.. دعيت خلال العصور القديمة (سؤادا) اي المدينة السوداء نتيجة طبيعتها البركانية وحجارتها السوداء، ثم أطلق عليها اسم (ديونيزياس) خلال العصور الرومانية والبيزنطية.. وعرفت الحضارة منذ الألف الثالث قبل الميلاد وسكنها العرب القدامى خاصة زمن الكنعانيين والآراميين، وكانت جزءاً من مملكة باشان (زمن الملك الكنعاني)، ثم سكنه من قبل العرب الأنباط خلال القرن الأول قبل الميلاد، وفي نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر قدم السكان الحاليون للمدينة، حيث هاجر إليها العديد من مناطق لبنان - فلسطين، واستخدموا المباني والمنازل الأثرية القائمة وعدلوا بأقسامها وأضافوا عليها عناصر معمارية. وخلال القرن العشرين جرت دراسات جدية عن السويداء القديمة من قبل بعثة أثرية مشتركة (سورية - فرنسية)، ساعدت في فهم مخطط المدينة القديمة وأماكن الأبنية الأثرية المخفية ضمن النسيج العمراني الحديث الذي أخذ منحى واتجاه النسيج الأثري القديم.
وتشير نتائج تلك الأبحاث والدراسات الكثير من التساؤلات عن الوضع الذي كانت تحتله السويداء في العصور القديمة.. فسؤادا (ديونيزياس) كانت تبدو في الواقع محطة عظيمة على المحاور الكبيرة للطرق التجارية المتجهة من الشمال إلى الجنوب بين المدن الرئيسية بدءاً من دمشق الواقعة في ولاية سورية وبصرى في الولاية العربية، وكانت مفترق طرق اقليمياً ونشيطة تجارياً. وكان لنا لقاء مع السيد المهندس وسيم الشعراني، رئيس دائرة الآثار في السويداء، الذي أوضح لنا بعض المواقع الأثرية المهمة والموجودة مثل (قوس الكنيسة الصغرى) الذي يتوسط الشارع حالياً، وهو معروف بقوس المشنقة (القرن الخامس الميلادي) وهو مسجل أثرياً برقم /28/ تاريخ 15/6/1957م، الذي أجريت عليه أعمال ترميم من قبل معهد الآثار الألماني برئاسة البروفسور (فرايبرغر) خلال عامي 1997-1998، وجرى فيه التنقيب خلال عامي 1999 - 2000م من قبل البعثة الفرنسية برئاسة م. كارلوس. وحدثنا السيد رئيس دائرة الآثار في السويداء أيضاً عن (معبد آلهة المياه) المسجل أثرياً برقم 28/ آ تاريخ 15/6/1957م، وقد جرت بعض التنقيبات الطارئة ظهرت فيها بعض المجاري المائية إضافة لجدار منحوت من أصل المعبد.. وكانت هناك أيضاً (الكنيسة الكبرى) التي تطل واجهتها على الشارع المحوري مباشرة، وتمتد أجزاؤها تحت المنازل الواقعة إلى الشرق، ويعود تاريخ بنائها إلى القرن السادس الميلادي، وعلى أحد جدران مدخلها كتابة يونانية تفيد بأن سالومي والدة الاسقف جورج قد تبرعت ببناء هذه الكنيسة، ولا تزال في أرضية مدخلها فسيفساء ملونة ذات نقوش هندسية مسجلة بقسميها الشرقي والغربي برقم 28/آ تاريخ 15/6/1957م، وأجريت أعمال التنظيف والتعزيل، وأظهرت معالمها عام 2003م.. أما قسمها الغربي فهو مختفٍ تحت المنازل ويظهر على الشارع المحوري.. وأضاف: بأن المسرح الصغير (الاوديون) الذي ظهرت معالمه إثر شق الشارع، وكان يستخدم كصالة اجتماعات وجرت عليه التنقيبات والترميمات من قبل بعثة سورية - فرنسية مشتركة برئاسة السيد م. كارلوس خلال الأعوام (1998 - 1999 - 2000م) وصولاً إلى التلة او المدينة العليا (الأكروبول) المحددة حالياً بالشارع المحوري من الشرق وشارع النجمة من الجنوب، ويحتوي على عدة مقابر أثرية ضمن كهوف مرتبطة تاريخياً مع التلة، لذلك يعطي النسيج العمراني التقليدي الحالي صورة محتملة لما كانت عليه مدينة السويداء في العصور السابقة، الذي يعود إلى فترات متأخرة نسبياً (القرن الثامن عشر الميلادي)، وجدرانه أثرية تبدو واضحة في بعض الأماكن (جدران القلعة والقصر). وتمت دراسة المشروع السوري - الاوروبي لعام 2003م، وهو (مترل) هام وكبير ويحتوي معالم معمارية لثلاث مراحل تاريخية، ويمكن الاستفادة منه للاستثمار السياحي، وتحتوي التلة على الكثير من النقاط الأثرية الهامة.. وهناك من المعالم الأثرية (شارع النجمة) وهو من أهم وأقدم الشوارع في مدينة السويداء الممتد من قوس (الكنيسة الصغرى) إلى ساحة (النجمة) حالياً.. ويحتوي الشارع على عدد من النقاط الأثرية الهامة: (ميدان الخيل - حمامات - كنيسة مربعة الشكل).. وكان للحي الشرقي الذي يشكل جزءاً من ذاكرة المدينة عدد من النقاط الأثرية الهامة مثل: معبد الإله ذو الشراة (القرنين الأول ق.م والأول الميلادي) وبقايا الأعمدة الأثرية إلى الشرق من المعبد. و خلال زيارتنا إلى المتحف تعرفنا على أقسامه والذي تأسس عام 1923، ويضم عدداً كبيراً من المنحوتات الحجرية البازلتية واللوحات الفسيفسائية تم اكتشافها في شهبا، ويضم الطابق الأول في المتحف (المضافة - جغرافية المنطقة ما قبل التاريخ - الحياة الاقتصادية والقرى). العرب الأنباط وفنهم المحلي - الفن النبطي والروماني (المعابد) - العصر الروماني (التماثيل البشرية - الفسيفساء وتماثيل الآلهة - المنحوتات الجنائزية - العصر البيزنطي - اللغات والكتابات القديمة - العصر العربي الاسلامي). ونوه إلى ان متحف السويداء يعتبر معلماً معمارياً هاماً، حيث يؤمه سنوياً عدد كبير من الزوار من داخل سورية وخارجها من كافة أنحاء العالم، فكان عدد الزائرين لآثار السويداء في هذا العام ولغاية الشهر التاسع /10323/ زائراً سورياً و/617/ من الأجانب، ووصل مجموع الايرادات إلى /112510/ ليرات سورية.. ووصل عدد زوار آثار قنوات لغاية 1/9/2008 إلى /7117/ زائراً، ووصلت الايرادات في شعبة آثار قنوات /33800/ ل.س.. وزوار آثار شهبا إلى /6057/ زائراً منهم أجانب ومنهم عرب وسوريون، ووصلت الايرادات إلى /188890/ ليرة سورية. إلا ان السيد المهندس وسيم الشعراني قد أشار إلى فقر المدينة للخدمات السياحية والمرافق الخدمية للسياح، وعدم وجود مكاتب سياحية او فنادق تخدم حاجات السياح الأجانب والعرب خلال زيارتهم، ومع هذا فإننا ندعو الجهات المسؤولة والمعنية بالأمر إلى النظر في هذا الاتجاه لمواكبة عصر التطوير والتحديث في المنطقة.
مطيع فرحات شيخ شباب صلخد
عدد الرسائل : 1040 العمر : 46 تاريخ التسجيل : 20/12/2007
موضوع: رد: اثار منطقه السويداء السبت 1 مارس 2008 - 21:44