منتدى صلخد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى صلخد


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923

اذهب الى الأسفل 
+3
سامر حسين سعيد
مازن السعدي
هـيـثـم شحـاذه غـــزالــة
7 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
هـيـثـم شحـاذه غـــزالــة
مشرف عام



عدد الرسائل : 4099
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 Empty
مُساهمةموضوع: مذكرات وطنمن مذكرات سلطان باشا الاطرش الثورة الاولى1923   مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 I_icon_minitimeالجمعة 29 مايو 2009 - 14:12

الاعزاء الاعضاء
هذه مذكرات من تاريخ الثورة السورية
للقائد سلطان باشا الاطرش
انقلها لكم كما وردتني
=============================
بينما كنت أقوم ببعض الاتصالات في قرى الجنوب، حضر شكيب وهاب ليلاً إلى بيت حمد البربور بأم الرمان، فوجدني هناك مع بعض الأقارب و الأصدقاء، و أخبرني أن أدهم خنجر، يصحبه محمد الزغيّر، قد وصل إلى القريّا لاجئاً، و كنت أعلم من قبل أن السلطة الفرنسية تطارده بسبب اشتراكه - مع خليل مريود و محمود البرازي و محمد ظاهر و شريف و محمود حسن و شكيب وهاب- بالكمين الذي نصبوه للجنرال غورو و مرافقيه في موقع (كوم الرويسه) على طريق القنيطرة، حيث أمطروهم وابلاً من الرصاص، فقتل الملازم (برانات) و جرح حقي العظم، و كتبت النجاة للجنرال و القومندان (كاترو) و الآخرين، و ذلك في أواخر شهر حزيران عام 1921.

و في صبيحة اليوم التالي ذهبت إلى قرية (حوط) و لكني حثثت السير كي أتمكن من العودة إلى القريا في اليوم نفسه، فوصلت البيت في نحو الساعة الثالثة بعد الظهر، و سألت عائلتي و إخواني عن الضيف المذكور، فأجابوا أنهم لا يعرفون شيئاً عنه، بل استغربوا استفساري عن أمر لم يكن لهم علم سابق به!..

و لم ألبث أن تلقيت رسالة من أدهم خنجر نفسه (1)، يذكر فيها أنه قصد ديارنا مستجيراً.

و لكن السلطة المحلية اعتقلته عند وصوله إلى القريا و ساقته مخفوراً إلى السويداء، و أن حياته مهددة بالخطر، فهو لذلك يستحثني كي أعمل على إنقاذه قبل فوات الأوان!..

استدعيت مدير الناحية و رجال المخفر، فلم أجد أحداً منهم، فأوفدت من فوري أخي علي إلى السويداء لمقابلة المستشار الفرنسي (ترنكا) و كان الأمير سليم يومئذ بدمشق لأسباب صحية- و بعثت معه رسالة إلى عمي فارس ابراهيم الأطرش، ذكرت له فيها أن الفرنسيين قد تجاوزوا حدودهم حين ألقوا القبض على رجل استجار بنا و احتمى في دارنا، و رجوته أن يتدخل بنفسه في الأمر لإقناع السلطة الفرنسية بإخلاء سبيل ضيفي فوراً، و إلاّ تدبرت أمر إنقاذه بطريقتي الخاصة!..

لقد كان جواب (ترانكا) يتضمن كل معاني الإثارة و التحدي، إذ قال لأخي علي:

(إن الرجل في القلعة ليأت أخوك و يأخذه، لقد صار في حوزة الجند الفرنسي، عندكم المحافظة على الضيف، و عند الجند المحافظة على الجاني!..)

أما عمي فارس، فقد قال برسالته الجوابية:

إننا الآن في ظل سلطة القانون، و لم يعد لأحد حماية إلا به، و بالمحاكمة تظهر براءة أدهم أو عدمها).

و مع ذلك، فقد حاولت الإتصال مباشرة بالمراجع العليا، فأرسلت إلى المندوب السامي في بيروت برقية، ذكرت فيها ما خلاصته:

(مع الأسف لم يراعَ البند القائل أن فرنسا تحافظ على تقاليدنا و عوائدنا و معلو أن الضيف و القاصد، هما واحد في نظر عشائرنا، فرجال حكومتنا لم يراعوا هذا البند، و المستشار ترانكا يصر على ذلك، أطلب من عدلتكم أن لا تجعلني مضغة في أفواه العرب...الرجل يطلب مني أن اتوسط له، و أطلب له العفو من فخامتكم.)

لم أتلقَ جواباً عليها، و لا أدري إذا كانت قد وصلت إلى صاحبها، و على أي حال فقد كنت مقتنعاً في قرارة نفسي، ان أدهم خنجر لا يمكن تصنيفه في زمرة الجناة و المجرمين لينال عقابه بالطريقة التي يريدها الفرنسيون و غنما يعتبر هو و رفاقه في تلك الحادثة من جملة المجاهدين الذين يقومون بواجبهم الوطني و يؤدون فريضة الجهاد المقدس لطرد الأجنبي المحتل من بلادنا، فكيف أُعرِض عن حمايته و لا أعمل على إنقاذه و كيف أتخلى عنه و أترك أمره لعدالة الفرنسيين، و شريعتهم المطبّقة في سوريا و لبنان لا تختلف من حيث الجوهر عن شريعة الغاب في شيء، و ماذا يقول عني شيوخ العشائر، في أقاصي بلاد العرب و أدانيها، إذا لم أَجِرْ ضيفي و أحمِ نزيلي، و كيف يهدأ لي بال و يرتاح لي ضمير إذا قصّرت عن مثل هذا الواجب و صدفت عنه طلباً لراحة و إرضاءً لمشيئة المستعمر الدخيل؟!..



جمعتُ من فوري، أهالي القرّيا و عرضت الموضوع عليهم من كل جوانبه، فثارت ثائرتهم، و هبّوا لانقاذ ضيفهم بحماسة منقطعة النظير. و اتجهنا نحو السويداء، مشاةً و فرساناً بعد أن أرسلنا (المفزع) يطلب النجده من قرى الجنوب. و عيّنا مكن اللقاء (رساس) و سرعان ما توافدت على هذه القرية بيارق المقرن (المنطقة) يسير تحتها نحو ألفين من المحاربين، يُضاف إليهم فرسان عشيرة السردية بقيادة خلف الكليب.

أما الخطة التي وضعتها، فكانت تقضي بتطويق السويداء، و منع الدخول إليها و الخروج منها، إلا في حالات خاصة تستوجب التساهل لصالح المواطنين، و قد كلفت أخي مصطفى و خيالته بمراقبة طريق السويداء-الثعلة، و اتخذنا بيت نجم عزّ الدين مقرّاً للقيادة، بعد أن لقينا منه و من أهالي قريته كل تأييد و ترحيب، ثم أرسلت إلى الأمير سليم الأطرش برقيه، هذا نصّها:

(دمشق-حاكم جبل الدروز، الأمير سليم الاطرش الأفخم- إن الحكومة المنتدبة تعترف في البرنامج أنها تحافظ على تقاليدنا و عوايدنا. مع الأسف أفراد الدرك و المدير لم يراعوا هذا البند، و ألقوا القبض على ضيف طالب التوسط منا عند الفرنسيين في بلدنا، و صار بوجهنا، استنهض همتكم لتدارك الأمر).

و في هذه الأثناء حضر مشايخ العقل: أحمد الهجري، و حسن جربوع، و علي الحناوي، و محمود أبوفخر (قاضي المذهب)، و طلبوا منا أن نكف عن استعمال القوة في قضية أدهم خنجر، و أن نترك أمره للقضاء، فرفضت طلبهم و غادروا المكان غاضبين، مع العلم بأن تدخلهم في الموضوع لم يكن المقصود منه سوى الخير، و حقن الدماء، و عدم تعريض البلاد لخطر كارثة جديدة.

و ربما كانوا يظنون أن الفرنسيين سوف يتساهلون معه، فيصدرون عفواً عنه، أو يستبدلون حكم الإعدام عليه بالسجن المؤبد، تهدئةً للخواطر، و إرضاءً للرأي العام في الجبل خاصةً.

و بينما كنا في بيت ضاهر القنطار بقرية"كناكر"، و بالتحديد في 21 تموز 1922، سمعنا طلقات البنادق و الرشاشات، فاسرعنا إلى مكان الحادث قرب "تل الحديد" حيث وجدنا المعركة دائرة بين أخي مصطفى و خيالته و بين ثلاثة مصفحات قدمت من درعا لنقل الضيف السجين إلى دمشق. فاستولينا على مصفحتين بعد وصولنا بقليل و هربت المصفحة الثالثة دون أن نتمكن من اللحاق بها أو تعطيلها بأسلحتنا الخفيفة. و قد قتل ثلاثة جنود فرنسيين و ضابط يدعى "بوكسان" و أُسر أربعة جنود أيضاً، و لم يقتل أحد منا، سوى أخي مصطفى قد أصيب بجراح بليغة أثناء عملية الإنقضاض التي قام هو مع رفاقه بها على المصفحتين، و وثوبهم عليهما من على ظهور جيادهم، و مع الأسف لم يكن أحد منا يعرف كيف يسوق المصفحة أو يستخدمها في القتال و لذلك لم نجد بُدًّ من تدمير ما أمكن تدميره من المصفحتين.

و لم يطل بنا الوقت حتى وصل إلى ميدان المعركة وفد يضم غالبية أعضاء المجلس النيابي و منهم عمي نسيب الذي حضر من دمشق مع الأمير سليم فتفاوضنا، و اتفقنا بعد نقاش حاد كاد يودي إلى اصطدام عنيف على ما يلي:

-أن نفك الحصار عن السويداء و نعيد قواتنا المرابطة إلى قراها.

-تسليم الأسرى الأربعة.

-يتعهد الوفد بتسليم أدهم لنا و رده سالماً في أقرب فرصة ممكنة.

أجل لم يكن في وسعي أن أفعل أكثر مما فعلت في ذلك الوقت بالذات، بعد أن لاحظت أثناء المفاوضة أن الحزب المعارض مصمم على خوض المعركة ضدنا بكل حزم و عناد.

و قد كسب إلى جانبه رضا الهيئة الروحية العليا، و صار بإمكانه أن يستغل ذلك في الأوساط الشعبية بسهولة و دون عناء. و فاتني أن أتمسك بالأسرى حتى يحضر أدهم خنجر. و لم أشعر أن زمام الأمر قد أفلت من يدي
إلا بعد وصولي إلى قرية رساس، حيث لم يبقَ إلى جانبي سوى ستة فرسان، منهم محمود درويش الذي دعانا إلى المبيت في داره بقرية (العفينة) المجاورة.

و قبل مغادرتنا رساس، حومت الطائرات في سماء السويداء، و فوق الطريق المؤدية إلى هذه القرية الأخيرة. ثم لاحظنا أنها تطلق إشارات لم نفهم منها شيئاً... و ما إن ابتعدنا قليلاً عن رساس حتى شهدنا قوة كبيرة من الخيّالة تخل القرية بقصد القبض علينا و كانت مدعومة ببضع مصفحات توزعت في منافذها و أحكمت الطوق عليها. فساورت نفسي الهواجس و الظنون، و ايقنت أن لا جدوى من التفاوض مع أصحاب السلطة المحلية، لأنهم لا يملكون من الأمر شيئاً، و ادركت عندئذ معنى الإشارات التي أطلقتها الطائرات أثناء تحليقها قبل قليل.

و في صبيحة اليوم التالي غادرت العفينة عائداً إلى القريا ففوجئتُ بآثار القصف الجوي الذي تعرضت له دارنا مساء اليوم الفائت. و ارتسمت في ذاكرتي الصورة الأولى لصور الدمار و الخراب التي ستقع عليها أنظارنا فيما بعد، بكل مكان، عندما نعلنها ثورة شاملةً على الفرنسيين!...

و مع ذلك، فقد حمدت الله على أنه لم يُصب أحد من أهلنا و أبناء قريتنا بأذى أثناء الغارة و عزمت على الرحيل إلى الأردن فوراً. فشددنا الرحال، و عينت لحمد البربور، الذي دمرت الطائرات بيته أيضاً، و لغيره من الرفاق الذين كنت أخشى عليهم من ملاحقة السلطة لهم و غدرها بهم، موعداً في (سمج) و أوعزت بنقل النساء و الأطفال إلى قرية (حبران)، و البقاء فيها ريثما يستقر أمرنا في المكان الذي قررنا النزول فيه.



و وصلنا إلى ديار بني حسن، و خيّمنا في خربة (رحاب) حيث مكثنا عشرة أشهر كنا خلالها موضع احترام العشائر المجاورة و حفاوتهم، و قد حاول متعب الأطرش، ونحن في سمج، أن يقنعنا بالعودة، و قدم لنا ختم المستشارية الفرنسية دليلاً على رغبة السلطة بمفاوضتنا و مصالحتنا فرفضنا و عاد الوفد المرافق له دون أن يتكلل مسعاه بالنجاح.

و لم يفتنا أن نُعلم الحكومة الأردنية بنزولنا في أرضها، و قد كتبنا لها رسالة بهذا الخصوص، و نقلها أخي "علي" إلى عمّان، و عاد يحمل إلينا جواباً يتضمن الموافقة و الترحيب، و غير أن السلطة الإنكليزية لم تكن راضية عن ذلك، فحاولت إخراجنا و تسليمنا إلى الفرنسيين، لو لم يعمل الأمير عادل أرسلان على إحباط مساعيها بالتعاون مع رشيد طليع و حديثة الخريشا و مثقال الفايز و طراد بن زبن (من شيوخ بني صخر) و غيرهم من رؤساء العشائر في الأردن، و التي كانت تربطنا بهم رابطة الصداقة منذ أيام الثورة العربية الكبرى.

و في تلك الاثناء ازدادت أواصر الصداقة متانةً بيني و بين الأمير عادل أرسلان و رشيد طليع. فكنت أجد فيهما كل مزايا الصدق في القول، و الإخلاص في العمل، و الإندفاع في خدمة القضية العربية. و ذات يوم وافتني أخبار مثيرة من الجبل زادت من هواجسي و قلقي. و هي ان الفرنسيين كانوا يرسلون بعض قواتهم يومياً من (بصرى) إلى (بُرد) و القريّا للاستيلاء على محاصيلنا و نهب مواشينا و التخريب في دورنا. و للتأكد من ذلك قررت بالاتفاق مع رفاقي أن نقوم بجولة استطلاعية داخل حدود الجبل نستكشف بها الأمور على حقيقتها. و من الذين رافقوني فيها، حمد البربور، خلف الكليب السردي، و فارس مفرّج، و مصطفى الخليل (من درعا)، و فارس الدبس، ومحمد البربور و ولده جادالله، و نصّار و رشيد البربور....و عند وصولنا إلى بُرد في 17 آب عام 1922 أخفينا الخيول في الدار، و كمنّا قرب البيدر، و ما لبثنا أن سمعنا هدير الطائرات و قد وصلت إحداها و راحت تحوم فوقنا دون أن ينكشف لها أمرنا، ثم أطلقت إشارات للقوة التي كانت تنتظر شرقي بصرى لتتابع تقدمها نحو بُرد.

كانت القوة الفرنسية مؤلفة من كوكبة من الفرسان. و بضع سيارات شحن لنقل الحبوب، و في داخلها بعض الجنود المسلحين. و ما أن اقتربت منا حتى أمطرناها بوابل من رصاص بنادقنا، فتراجعت تاركة وراءها عدداً من القتلى و الجرحى، و فقدنا نحن فرسين، و أصيب أخي علي بجراح، و قد أدت هذه الحادثة إلى حرق بيادرنا و تخريب دورنا و ضرب قريتي (بكا) و (أم الرمان) بالمدفعية الثقيلة بسبب مرورنا بهما أثناء عودتنا إلى الأردن.

يتبع.....................


!..).
================
============
تم نقل هذه المذكرة
حرفيا
اشكر الاخ الذي بذل الجهد الكبير
لايصالها الى القارىء
وسيتبع مذكرات اخرى من تاريخ الثورة السورية الكبرى
وسيخصص هذا القسم فقط لمذكرات وطن
تقبلوا احترامي


عدل سابقا من قبل هـيـثـم شحـاذه غـــزالــة في السبت 19 سبتمبر 2009 - 23:31 عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هـيـثـم شحـاذه غـــزالــة
مشرف عام



عدد الرسائل : 4099
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923   مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 I_icon_minitimeالجمعة 29 مايو 2009 - 14:17

الجزء التاني
و في أيلول من العام نفسه، حضر إلى مكان إقامتنا بالأردن عامر أبو عامر من أم الرمان يحمل رسالةً موقّعة من يوسف الشويري و خليل صيدح * و فارس أبو حسّان (وهو وكيلنا في قرية سمج)، يذكرون لنا فيها ان الفرنسيين يرغبون في مصالحتنا دون قيد أو شرط، و يطلبون منا ان نعيّن لهم مكاناً للاجتماع بهم و التداول في هذه الأمور، ثم قدّم لي الرسول كتاباً موقعاً من قائد حامية بصرى جاء فيه:

(( إن السلطة الفرنسية تُكنُّ لكم احتراماً عظيماً، و هي مستعدة للتفاوض معكم من أجل إعادتكم إلى بلدكم سالمين مكرّمين، نقسم على ذلك بشرف فرنسا))

و قد أكّد لنا عامر أبو عامر، عن نيّة طيبة، أن لا مجال للخوف و الغدر من السلطة الفرنسية في هذه المرة.

كانت ظروفنا المادية تستدعي عودتنا إلى الجبل، فلبينا الدعوة مُكرهين، كنا ستة عشر خيّالاً توجهنا إلى خربة(القلو).

و قبل وصولنا إليها، لحق بنا رسول أخبرنا أن (السرحان) قد استولوا على غنم آل البربور في غزوة خاطفة! فاضطر حمد البربور إلى العودة مع ستة من رفاقنا ليسترد غنمه، و تابع الطريق معي كل من : شكيب وهاب، سلمان طربيه، محمد البربور و ولده جادالله، غازي العبدالله، فارس مفرّج، فارس الدبس و أخي علي.

سبقنا عامر أبو عامر ليستدعي الجماعة إلى مقابلتنا، و قد وجدناهم في خربة (القلو) بانتظارنا دون أن يعلم الفرنسيون بوصولنا إلى هذا المكان فتفاهمنا حول المهمة الموكولة إليهم، و قلت لهم بنهاية المقابلة: سنمضي الليلة هنا بانتظار علم منكم و لكنهم حاولوا اقناعي بالذهاب معهم للمبيت في سمج، و أخذ فارس أبو حسّان يُلّح علي بذلك مؤكداً لي مرة أخرى حسن نوايا الفرنسيين، فرفضت و قلت له بحزم، سنظل هنا الليلة!.

قضينا ليلتنا بضيافة عوّاد السرور، شيخ المساعيد، و مكثنا ننتظر أخبارهم حتى الضحى دون أن يحضر أحد منهم، فكلفنا سلمان طربيه و غازي العبدالله بالذهاب على أثرهم و العودة بالخبر اليقين، و ما لبث الرجلين أن عادا على ظهري جواديهما، و أفادا بان سمج مطوّقة بالجند الفرنسي، و ليس بالإمكان الإقتراب منها بسبب كثرتهم!...

لقد انجلى الموقف لنا على حقيقته، و صحّ ما كنا نتوقعه من غدر الفرنسيين و نحسب حسابه!. غير أن مؤامرتهم الرخيصة هذه شحذت فين الهمم و حفزّتنا من جديد على ركوب الأخطار، رغم قلة عددنا، لمعرفة مصير الوفد المفاوض الذي أقلقنا تأخره، و لإنقاذ مواشينا الموجودة في دارنا بقرية(سمج).

و لما وصلنا إلى الوادي الذي تمر منه طريق سمج-بصرى، كمنّا في مكان يدعى (دير الخريبه) و توارينا عن الأنظار وراء جدرانه المنيعة، و لم يطل بنا المقام حتى رأينا القوة الفرنسية تعود من سمج و هي تسوق أمامها قطيعاً من أبقارنا يزيد عن مائة رأس، و قد انقسمت إلى فريقين: الأول توجه إلى قرية (طيسيا) و الثاني تابع السير نحونا ببطء، و كانت الفرقة تسوق قطيع البقر و عدداً من البغال المحمّلة بالمؤن والعتاد الحربي. و كان الطقس جميلاً و السماء صافية، و الشمس تميل نحو المغيب، الأمر الذي جعلنا نتحكم بهم بسهولة و يسر و قد صبرنا عليهم حتى غدوا قريبين منا و أصبحوا في متناول يدنا، فصببنا عليهم نيران بنادقنا صباً، فاختلّ نظامهم و تفرقوا مذعورين من هول المفاجأة، و هربت الأبقار و شردت البغال، و رحنا نطاردهم على ظهور جيادنا كي نظفر بهم، غير أن فريقاً منهم عاد فتمركز في مكان حصين و راح يقذفنا بنيران رشاشه (الهوشيكس) مما شجع الآخرين على استئناف القتال بجرأة عظيمة و شجاعة فائقة و لكننا تصايحنا عليهم صيحات مرعبة، و فرقنا صفوفهم مرة ثانية، و انقض بعضنا على مركز الرشاش فاسكته، و تتبع الآخرون فلولهم و خلصنا البقر منهم و كسبنا أثني عشر بغلاً، و مررنا بسمج فأخرجنا منها المواشي الباقية ** و علمنا من بعض الأهالي أن يوسف الشويري و خليل صيدح و فارس أبو حسان قد تعرضوا للضرب و التعذيب بشراسة و وحشية.

لقد حدثني حسني صخر فيما بعد، عن هذه المعركة، فقال: (لقد وصلت إلى مكان الحادث، و عرفت أن الحملة الفرنسية كانت تعتقد أنكم في سمج، و كان عدد قتلاها في هذه الموقعة تسعة و الجرحى يزيد على عشرين، و البغال المفقودة أربعة عشر بغلاً).

أما خسارتنا فيها، فلم تتجاوز حصاناً واحداً لشكيب وهاب.

و في المساء التقينا بحمد البربور و رفاقه، وقد جاؤوا مسرعين إلى نجدتنا بعد أن خلّصوا الغنم من السرحان!.

و عدنا معاً ثملين بنشوة النصر يردد بعضنا (الهجيني) و الآخرون حداء الفرسان، حتى وصلنا في الهزيع الثاني من الليل إلى منازلنا في (رحاب).

لم تلبث أخبار اصطدامنا مع الفرنسيين أن انتشرت بين عشائر الأردن فجاءت وفود عديدة لتهنئتنا و السلام علينا، غير أن بعضهم لم يُخفِ عنا قلقه من مؤامرة إنكليزية-فرنسية قد تُدبر ضدنا للتخلص منا و إخماد ثورتنا، و لما تداولنا بهذا الموضوع مع الأمير عادل أرسلان و رشيد طليع و حديثه الخريشا و غيرهم من أحرار العرب في الأردن، أشاروا علينا بالتزام الهدوء و عدم القيام بغارات أخرى على الفرنسيين في الجبل، لأنهم على وفاق تام مع الإنكليز في كل ما يتعلق بنظام الانتداب، و بشؤون الأمن على الحدود خاصة، حتى أنني سمعت من عطيوي المجالي و مثقال الفايز و حديثة الخريشا أن الأمير عبد الله كان يتصل بهم و بغيرهم من شيوخ القبائل و يحثهم على طلب الإستقلال الناجز و يقول لهم بمرارة: ( إنني لا أستطيع مقاومة الإنكليز إلا بكم، و قد نكثوا، كما تعلمون، بالعهود التي قطعوها لوالدي، و إنني أخشى على نفسي من غدرهم...) و إن أقواله هذه كانت تصل إلى الإنكليز، فيتشددون في مراقبته، و يتدخلون في شؤون الحكم بإمارته، و يعملون على إبعاد المخلصين عنه، و التضييق على أحرار العرب الذين لجأوا إلى بلاده.

و يبدو مع ذلك، أنه كان لغارتنا الاخيرة أثر كبير في الأوساط الفرنسية العليا بدمشق و بيروت، أدت إلى فتح الباب على مصراعيه لمساعي صلح جديدة قام بها، في مطلع العام 1923 عدد كبير من أعيان الجبل و شيوخه، و في مقدمتهم: فارس ابراهيم الأطرش، و اسماعيل الحجلي، و فواز عزالدين، و قد تم الإتفاق بينهم و بين الأوساط المذكورة، عن طريق السلطة الفرنسية في الجبل، على عودتنا في الخامس من نيسان 1923 أي في يوم الاحتفال بعيد الاستقلال بعد أن ألغي الحكم الصادر علينا بالإعدام. لم يكن بوسعنا أن نرفض العودة، لأننا بتنا مهددين من على جانبي الحدود بقوات الدولتين المنتدبتين.. و بالإضافة إلى أننا لمسنا الرغبة في ذلك أيضاً من الشخصيات السياسية المشار إليها في الأردن، فتوجهنا إلى الجبل ووصلنا إلى مشارف مدينة السويداء صباح اليوم المحدد، و مكثنا في مقام (عين الزمان) فترة لنرتاح قليلاً من عناء السفر المتواصل.. و إذ بخبر وصولنا إلى هذا المكان ينتشر بين الجماهير المحتشدة في (الميدان) فتهرع لاستقبالنا مشاةً و فرساناً، دون أن يبقى إلى جانب رجال السلطة في مكان الاحتفال بالعيد سوى العدد القليل، مما أغضب المستشار (ترانكا) و جعله يرسل من يقول لنا بأنه لا يوافق على دخول بعض رفاقنا، أمثال: حمد البربور، و شكيب وهاب..فأجبته قائلاً:

إننا لم نقبل العودة إلى ديارنا كي نتخلى بسهولة عن هؤلاء الرفاق!..

هممت بالرجوع، فلم استطع شق الطريق، و أنا على ظهر فرسي، بين الجموع المحتشدة الصاخبة، و سرعان ما انفرجت الأزمة بموافقة السلطة على دخولنا جميعاً، و عندئذ رحنا ننتظر وصول رفاقنا المذكورين الذين كانوا قد انسحبوا، فعادوا من قرية رساس، و دخلنا و إياهم إلى مكان الاحتفال، وسط الأهازيج الشعبية و زغردة النساء... ثم ترجلنا و صافحنا مستقبلينا و في مقدمتهم الكومندان (ترانكا) و كبار الموظفين و النواب، و شيوخ الدين و الأعيان.



*وهو أحد أحرار العرب، من مدينة حمص، لجأ إلى الجبل في عهد جمال باشا(السفاح) و بقي فيه مدة طويلة يعمل بالتجارة مع يوسف الشومري.



** حدثنا محمد البربور، قال: (كانت المعركة عنيفة جداً، و كان رصاص العدو ينزل علينا كالمطر المنهمر، و في غفلة منا ركب سلطان فرسه الصفراء، و هجم على الجنود شاهراً سيفه، فردهم عن البقر و ساقه نحونا دون أن يصاب بأذى هو و فرسه! وقد كان انتصارنا عليهم فريداً من نوعه، تسعة رجال يفتكون بقوة يزيد عددها على مائة جندي و يشتتونها، فتهرب تاركةً قتلاها و جرحاها في الميدان و تتخلى عن الأبقار و بعض البغال!..).

============
===========
اكرر شكري للاخ الذي
بذل جهدا كبيرا للحصول على هذه المذكرات
وعلى نشره لها
يتبع............
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مازن السعدي
صلخدي ماسي
مازن السعدي


عدد الرسائل : 682
العمر : 40
تاريخ التسجيل : 02/12/2008

مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923   مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 I_icon_minitimeالجمعة 29 مايو 2009 - 17:21

شكرا لك اخ هيثم ولمن قام بجمع هذه المذكرات القيّمة

فهي جزء مهم من تاريخنا المشّرف

تحياتي لك وتقبل مني كل الود والتقدير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سامر حسين سعيد
صلخدي ماسي
سامر حسين سعيد


عدد الرسائل : 343
العمر : 40
Localisation : الامارات العربية المتحدة
تاريخ التسجيل : 12/09/2008

مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923   مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 I_icon_minitimeالجمعة 29 مايو 2009 - 21:10

الاستاذ الغالي هيثم

حقيقةً نجهل كل هذه التفاصيل عن الثورة السورية وبهنيك وبتشكر المصدر وموعدنا قريب مع الاجزاء المقبلة

يعطيك الالف عافية وشكرا جزيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناظم نسيب الشومري
شيخ شباب صلخد



عدد الرسائل : 2670
العمر : 49
Localisation : الأمارات العربية المتحدة - دبي
تاريخ التسجيل : 25/03/2009

مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923   مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 I_icon_minitimeالسبت 30 مايو 2009 - 8:45

الله يعطيك العافي سيد هيثم

وهذه المذكراة مهمة لنا لكي نعرف ماذا جرة
في تلك الحقبة ونعرف القصص المشرفة وعن كلام المضافات العريقة

نحن بحاجة لكي نعرف كل شيئ لاننا نتعرض لاسئلة عن تاريخ
ابطالنا ومعاركنا وشهدائنا شهداء الجبل الاشم
ويجب ان تكون دائما على كل كتاب لكي
تتناقلها الاجيال القادمة لكي تبقة في ذاكرة المستقبل

لك كل الحترام

شـــــــــــكرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هـيـثـم شحـاذه غـــزالــة
مشرف عام



عدد الرسائل : 4099
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923   مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 I_icon_minitimeالسبت 30 مايو 2009 - 22:23

شكرا لك اخ هيثم ولمن قام بجمع هذه المذكرات القيّمة

فهي جزء مهم من تاريخنا المشّرف

تحياتي لك وتقبل مني كل الود والتقدير
=========
اخي مازن السعدي
لك الود والاحترام
اشكر تشجيعك
بمرورك الكريم
وقرائة تاريخ مهم جدا
من تاريخ الجبل الاشم
تقبل احترامي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هـيـثـم شحـاذه غـــزالــة
مشرف عام



عدد الرسائل : 4099
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923   مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 I_icon_minitimeالسبت 30 مايو 2009 - 22:30

الاستاذ الغالي هيثم

حقيقةً نجهل كل هذه التفاصيل عن الثورة السورية وبهنيك وبتشكر المصدر وموعدنا قريب مع الاجزاء المقبلة

يعطيك الالف عافية وشكرا جزيلا
====================
الاخ سامر سعيد
لك التحية والاحترام

تاريخنا هو ثروتنا التي يجب ان نحافظ ونعتز بها
وكلنا نجهل الكثير من اهم حقبة في تاريخ سوريا
وخاصة اجبل
وبمساعدتكم نستطيع عمل شيء يعيد للتاريخ كتاباته
فكلنا نتعاون ونجمع سيرة تاريخ عظيم لتبقى راية سوريا
والجبل الصخرة الصماء بوجه من يعاديها
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هـيـثـم شحـاذه غـــزالــة
مشرف عام



عدد الرسائل : 4099
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923   مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 I_icon_minitimeالسبت 30 مايو 2009 - 22:37

الله يعطيك العافي سيد هيثم

وهذه المذكراة مهمة لنا لكي نعرف ماذا جرة
في تلك الحقبة ونعرف القصص المشرفة وعن كلام المضافات العريقة

نحن بحاجة لكي نعرف كل شيئ لاننا نتعرض لاسئلة عن تاريخ
ابطالنا ومعاركنا وشهدائنا شهداء الجبل الاشم
ويجب ان تكون دائما على كل كتاب لكي
تتناقلها الاجيال القادمة لكي تبقة في ذاكرة المستقبل

لك كل الحترام

=================
================
اخي ناظم
تفاعلكم ومشاركتم معي
يسهم بجمع اكبر الاحداث
من تاريخ الاداد
ودعوة اجددها ان نحاول بجمع هذه الاحاث
لنسهل على ابنائنا
معرفة تاريخ اجداددنا
لك التحية
والود
والشكر على مساندتك واهتمامك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هـيـثـم شحـاذه غـــزالــة
مشرف عام



عدد الرسائل : 4099
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 Empty
مُساهمةموضوع: يتبع مذكرات وطنحقائق من مذكرات سلطان باشا الاطرش   مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 I_icon_minitimeالثلاثاء 2 يونيو 2009 - 14:04

حقائق من مذكرات الباشا الثورة العربية في جبل العرب "
___________________________________________________
في مطلع هذا القرن بدأ تفتح الوعي العربي السياسي، يتمثل على أرض الواقع، فتشكلت الجمعيات القومية التي تدعو للتحرر من الاستعمار التركي الثقيل، الذي جثم على صدر الأمة العربية أكثر من أربعة قرون، ذاق الشعب خلالها الويلات من المؤامرات الدنيئة, والفتن الطائفية, والمعارك الدموية والحروب المحلية, التي أنهكت البلاد والعباد، وما كادت تلوح أخبار الثورة العربية في الأفق سنة 1916, حتى اقبل عليها الوطنيون وهلل لها الأحرار في كل بقعة من بقاع الوطن العربي الكبير, آملين تحررهم وإنقاذهم وتوحيدهم في امة عربية واحدة, تتابع مسيرة الأسلاف في خدمة الحضارة والإنسانية. ولمَا أطلَ شبح المجاعة الرهيب على سورية و لبنان، أثناء الحرب العالمية الأولى ، فتح الموسرون من أبناء الجبل و حتى الفقراء ،بيوتهم و مضافاتهم ،فنادق ومطاعم مجانية للجياع ،ومختلف اللاجئين إلى الجبل ،من سورية و لبنان و سائر الأقطار العربية ،على اختلاف مذاهبهم و بلدانهم. فكان البرغل و اللحم والسمن يطبخ ويوزع مع الخبز مجاناً على اللاجئين و المحتاجين و يذكر المؤرخون أن عدد اللاجئين إلى الجبل في تلك الأيام زاد على خمسين ألف نسمة. وقد أضحت قرى الجبل ملجأًًًًًً أميناً لعدد كبير من أحرار العرب ومنطلقاً لنشاطهم المناهض للحكم العثماني الجائر. فهذا سلطان الرشيد يلجأ لآل زهر الدين في الصّورة ثم إلى إمتان و لعريسي لآل المغوش في خلخلة ونسيب البكري الذي حل ضيفاً على حمد البربور في أم الرّمان وقد كان من العار على الناس بيع الخبز والطعام بالدراهم وهذه بعض قصائدهم في هذا الموضوع ومعكم الأتراك الجائر:

يا بياعين الخبز بقـــــــــروش ... تبقوا نور ما لكم تـــــــالي
من طبتي فضت أني المنكوش ... والرفش يلحق على التالي
يا ويلي من حكم أبو طربـوش ... حكم بنا والحكم طــــــــالي
لهيا هنّو من بني خربــــــوش ... بمعلقات قفى ســـــــــــالي

كان السيد نسيب البكري قد نقل إلى الجبل قرار الشريف حسين بإعلان الثورة العربية ضدّ الأتراك ورغبة الأمير فيصل بالتعاون مع أبناء الجبل خاصّة وقد كان الكثير منهم أعضاء في الجمعيّات العربية الوطنيّة التي زاد نشاطها عندئذٍ في البلاد العربية وحتّى في العاصمة العثمانية (( الآستانة )) لمقاومة التتريك و الاستعمار التركي.

(توثيق): يقول سلطان باشا الأطرش في مذكراته (ح3): وما أن انقضت أشهر الشتاء البارد من سنة 1917 وأطلّ علينا الربيع بطقسه الجميل حتّى قررنا الجَهر بالثورة وجعل بلدتنا القريّا مقراً لها في الجبل ثم احتفلنا بحضور نفر من أحرار العرب برفع العلم العربي فوق دارنا، وباشرنا بتسيير الملة الكبيرة التي كنّا قد أعددناها من قبل لتلتحق بالجيش الفيصلي في العقبة. حوالي ثلاثمائة خيال وهجان على رأسها من أعيان الجبل: حمد البربور، معذى المغوش، أسد الأطرش و عبد الله العبد الله (ح3). وقد توجه الفرسان نحو العقبة يترنمون بأهزوجة معذى المغوش الآتية:

يا ميرما ودها سكـــــــوت لازم تزور بلادنـــــــــــا
لابد عَ حلق نفـــــــــــــوت وتشوف عج طرادنـــــا
عيال الجبل أحرار ثبـــوت يفني العدا ملكادنـــــــــا
من مصر لساحل بيــــروت لنجد لبغدادنــــــــــــــــا
من أجلها نحيا و نمــــــوت ونحمي حمى أجدادنـــا
رجال العرب ياهل البخوت بالسيف نحمي لأمجادنا

(توثيق): في أواخر كانون الأول سنة 1917 تلقى سلطان باشا الأطرش كتاباً من نسيب البكري جاء فيه: "إن الجيش الحجازي طهر مكة المكرمة من الأتراك، وجيش الخلفاء المنضم إليه الجيش العربي قد افتتح بئر السبع عن طريق غزه في 21 اكتوبر سنة 1917 ويافا في 16 نوفمبر والقدس في 9 ديسمبر. وقريباً سندخل جبلكم المنيع بواسطتكم الله ينصر العرب".
استمرت أخبار انتصارات الجيش العربي تصل إلى الجبل تباعاً عن طريق نسيب البكري حتى عاد هذا إلى الجبل مع بعض المرافقين مندوباً مفوضاً من قبل الأمير فيصل وافتتح مقراً للنشاط بدار حمد البربور في أم الرمان وقد رفع على المقر علم الثورة العربية. وقد حمل بياناً من قيادة الجيش الفيصلي هذا نصه:
(توثيق): إلى أهالي جبل الدروز و حوران المحترمين ... بما أننا قد انتدبنا السيد نسيب بيك البكري إلى جهاتكم بالوكالة عنا بينما نحضر بذاتنا أو يحضر أخونا الأمير زيد لجهتكم فيجب و الحالة هذه إجراء جميع التسهيلات المقضية التي اعتدنا أن نراها من أمثالكم الموصوفين بالغيرة العربية والخمسة و الشهامة العدنانية بطرد أعدائنا وأعداء وطننا ... الذين إذا لم نتحد على طردهم من ديارنا فإنهم لم يبقوا منا فرداً. وإننا بعونه تعالى سنأتيكم قريباً بجيوشنا ومعداتنا هدانا الله و إياكم سواء سبيل.
تحريراً في 18 جمادى الآخر سنة 1336 هـ الموافق في 28 مارس آذار سنة 1918 م قائد الجيوش الشمالية ابن ملك العرب فيصل بن الحسين، مذكرات حلقة 3 ( م ح 3 ).

وقد نظم السيد برجس المغوش في ذكرى الثورة العربية سنة 1916 الأهزوجة التالية:

طاب الموت يا عرب (1) فيصل الأول قالهــــــــــا
يوم الجرح لحق القتب (2) والظلم زاد هوالهــــــا
صاح اشعلوا نار الحرب فوق القمم و جبالهــــــــا
نحرر بها بلاد العـــــرب و نجمع شباب رجالهـــــا
سلطان أول من وثــــــب تّحدّ و أني خيالهـــــــــــا
وحمد سن سيوف الحرب ينتخي وهو شيالهـــــــا
معذى حداها بالعـقـب(4) يا فيصل شد رحالهــــــا
الشام ميعاد الركــــــب نعدل حمول ثقالهـــــــــــــا
قول وفعل سوق الحرب بني معروف أبطالهــــــــا
تركيا ولت بالغصــــــب وفرنسا يعلن فالهـــــــــــا
واليوم عاد (أبولهب) يغزل على مثوالهــــــــــــــا
يغتال حرية الشعب و يبتز قوت عيالهـــــــــــــــــا
ويتآمروا شرق وغرب و يتقاسموا بترولهــــــــــا
ويضحك على عبي القصب ويسلب غزير أموالهـا
القدس أعياها الغضب تندب مصير أطفالهـــــــــــا
يا حيف عَ أمجاد العرب ضاعة عيد أنذالهـــــــــــا

(1) طاب الموت يا عرب إشارة لعبارة فيصل التي اطلقها عندما اعلن الحرب على الاتراك.
(2) القتب: شداد البعير من الخشب او الحديد.
(3) لحد: عبارة نخوة.
(4) حداها بالعقب: غناها بالعقبة.
(5) معذى المغوش: معذى الذي غنى القصيدة.
(6) ابو لهب: ريغن وشركاه.

(توثيق): قبل وصول الجيش الفيصلي إلى درعا كانت الحالة في الجبل قد وصلت إلى شفير الحرب الأهلية بسبب نشاط الأتراك المستمر في مختلف المناطق والنواحي وبذلهم الأموال الطائلة ونشر الدعاية ضد الثورة العربية. وقد وصلت إلى سلطان باشا الأطرش من سليم الأطرش زعيم الجبل الرسالة التالية:
" لجناب قائد الجيش الدرزي دولتو سلطان باشا المعظم: بعد السلام عليكم، اطلعت على تحريركم المرسل منكم إلى أهل (أم الرمان) و (الغارية) و (عنز) و (حوط) و (المغيّر) و(بكّا) ، تطلبوهم كي يوافوكم إلى بصرى أسكي شام، لأجل تتوجهوا عند الشريف لأجل انتقامكم من الدولة العثمانية الأبدية القرار إن شاء الله. أيها القائد العظيم: أسلافنا عند اختلاف الدولة و أهل الشمال انقسمت الدروز قسمين: قسم مع الدولة و قسم مع أهل الشمال. لا تحوجنا نقسم الدروز قسمين، بل اهجعوا و ارجعوا عن طغيكم وبغيكم للناس. ثانياً: نستغني عنكم ونحسب أن سلطان ما كان. ثالثاً: لا تسبحوا على شبر من الماء. رابعاً: تخبروا الناس وتفشوهم أن نابلس لحد الناصرة سقطت مع ثلاثين ألف عسكري يسرا "أسرى" ولا نعلم أن عندكم تلفون بلا سلك لحتى فهمتوا الحقيقة تطغوا جهلاء الدروز بالاشتراك مع جيش علبة العطارة جيش الشريف. ونحن ليس غشاشين ولا هو كار أسلافنا الغش للطائفة مثل منهجكم ينغشوا في المال ويضيعوا إحساسهم وإحساسات الطائفة (م) في 17 ذي الحجة سنة 1736 هـ) كاتبه : سليم الأطرش.

يلاحظ في هذا الكتاب النفسية المستعلية على أبناء الجبل وحتى أبناء العائلة وكان زعيم الجبل له الحق بالطرد من الجبل ومن العائلة وحتى القضاء على المعارضين لرأيه.

وقد أجاب سلطان باشا الأطرش في 19 ذي الحجة سنة 1336 هـ بالكتاب التالي: (( لجناب معالي قائد الجيش التركي سليم باشا الأطرش الأفخم: بعد السلام عليكم، أبدي أني اطلعت اليوم على رسالتكم الوهمية التي لقنت عليكم من صُنّاع الترك. وكنت أريد أن أجيبكم على كل حرف فيها، غير أن وقتنا الثمين لا يسمح لنا و خاصة على ذكركم الدولة التركية البائدة ووصفكم إياها بأسماء وصفات هي لا تقبلها على نفسها لأنها تقر بقصر باعها وعجزها وكفاها ذلك باستنادها عليكم. فيا حضرة ابن العم المحترم، لسنا المغشوشين لأننا لم نطعم من مأكل ( دماسكوس بالاس) ولا دخلنا (جنينة البلدية بالشام). ولا قابلنا تركيا قاتلة آباءنا وهاتكة عرض بلادنا. اقرأ أشعار جدك شبلي رجل الدروز الذي هو اليوم يناديك من أعماق قبره وينهيك لعدم طاعتك تعليماته التي يتسلح فيها العدو قبل الصديق يأخذ احتياطه من خيانة الترك الظالمين. ونحن أعلنا الحرب المقدسة على بواقي جيوش الترك الجائعة. وننصحك أن تعود إلى جادة الصواب لئلا بعد قليل تندم حيث لا ينفع الندم. وعليه باسم عائلتنا الكريمة التي لا أريد أن أخرج من صف رجالها كما تريد أنت. أنصحك أن ترعوي وتعود إلى صوابك لئلا تصبح محروماً من أن تكون طرشا نياً ... ! أما جيش علبة العطارة فهو جيشك الفار ونحن إن شاء الله سنكون خير خلف لخير سلف و سنحافظ على شرف الدروز و مستقبلهم ولا نجعلهم يداسون كما تريد أن تضعهم أنت تحت أقدام أسقط وأوحش دولة في العالم ودمتم.
في 19 ذي الحجة سنة 1336 هـ ، ابن عمكم سلطان الأطرش.

يلاحظ في هذه الرسالة نفسية الثائر المصمم على تحرير الوطن وقد وردت الرسالتان بمذكرات سلطان الأطرش الحلقة الرابعة كما وردت بكتاب ذوقان قرقوط.

تطور الحركة الوطنية في سورية ص 265
(توثيق): يضيف سلطان باشا الأطرش بمذكراته بعد هاتين الرسالتين: سرعان ما وصلتني رسالة الفرج من الأمير فيصل يقول فيها: " أخي سلطان ... الملتقى درعا غداً !! ".

بناءً على هذه الرسالة جرت الاتصالات والمفازيع إلى القرى الموالية للثورة وما هي إلا ساعات حتى كان عج الخيل وأهازيج الفرسان والبيارق تموج خفاقة ومع الجوفيات الحماسية مثل:

يا الله يا معبودنا يا حاكم ع القبايل
يا الله يا معبودنا ترشد مان يقودنا ع العز بين الحمايل
ترشد مان يقودنا والشور لكبارنا
والفعل لزغارنا بالكون ربو الهوايل
والفعل لزغارنا شديت لك جدعية
بالكور منسوبة جدعية تسبق هبوب الريح لو اجاها

بعد التداول بالرأي تقرر الاكتفاء بخمسمائة خيال ساروا خباً فوق الخيول المطهمة تتقدمهم راية الثورة العربية ذات الألوان الخمسة تخفق مع دقات القلوب التي تتوق لرفعها في سماء دمشق راية عربية أولى تبشر بالنصر والتحرير. وفي بصرى استسلمت الحامية التُُُركيَة دون مقاومة تذكر، واستولى الثوار على الأسلحة والذخائر ومستودعات الحبوب المصادرة من الأهالي، فأعيدت لأصحابها كما وزعت الحبوب والمواد التموينية على المعوزين وتابعت الحملة مسيرها إلى الشيخ مسكين دون المرور بدرعا التي احتلها الجيش الفيصلي. و هناك في الشيخ التقت عدة فصائل عربية منها: فريق من حملة الجبل السابقة إلى العقبة، وفريق من عشائر عنزي بقيادة نوري الشعلان طراد الملحم، ثم الحويطات بقيادة عودي أبو تايه. وقبائل بني صخر بقيادة مثقال الفايز حديث الخريشة، و الحورانيون بقيادة اسماعيل الترك الحريري، وقد تقدمت جميع هذه الفصائل بقيادة الشريف ناصر تطارد فلول القوات العثمانية والألمانية المتراجعة حتى توقفت قرب الكسوة أمام خط دفاعي حصين وقوي أقامه الاتراك في تلول المانع، تساقطت منه قذائف المدفعية الثقيلة بغزارة ودون انقطاع على المطاردين، ففتحت في صفوفهم ثغرات واسعة أدت تشردهم وانسحاب أكثرهم. وفي المساء عرج فرسان الجبل على أقاربهم في الدير علي للمبيت ووضع الخطة المناسبة للتنفيذ في اليوم التالي "من مذكرات الباشا مذكرات ح4". وقد وصلهم كتاب بنفس الليلة من الأمير فيصل يطلب إليهم الزحف بسرعة لدخول دمشق قبل وصول الجيش البريطاني إليها.
(توثيق): يقول سلطان باشا الأطرش بمذكراته "ح4":
لقد قمنا بحركة التفاف حول مواقع الأتراك وتحصيناتهم ثم باغتناهم بهجوم صاعق عطل بطريات مدافعهم ونازلناهم بالسلاح الأبيض بالخنادق فقُتل من قُتل واستسلم الأحياء أسرى كان من بينهم ضابط كبير هو رضا باشا الركابي، أسره فرسان قرية الغارية. ولما عرفت هويته العربية أعدت إليه سلاحه و قدمت له جواداً رافقنا عليه مروراً بالحرجلة حتى دخلنا دمشق من جهة حي الميدان ووصلنا ساحة المرجة في 30 أيلول 1918 مع أهزوجة:

وسعوا المرجة ترى المرجة لنا
وسعوا المرجة تتلعب خــــــيلنا
عقبة المريخ شكينا العلــــــــــم
جينا نستشهد في سبيل بــلادنا

ثم تقدمت جموعنا ورفعنا فوق دار الحكومة العلم العربي الذي كان يرفرف في مقدمة حملتنا منذ خروجنا من جبل العرب. في حين انسحبت فلول الجيش التركي نحو الشمال لتخلي المدينة إلى غير رجعة. في اليوم التالي تولى الأمير سعيد الجزائري إدارة حكومة عربية مؤقتة من أعضائها (شكري الأيوبي) و (فارس الخوري) أخذت على عاتقها السهر على أمن المدينة ريثما يصل الأمير فيصل على رأس القوات العربية الرئيسة.

(توثيق): يقول منير الريس في الكتاب الذهبي ( ص 94 ): بعد الانسحاب و الانهيار في جبهة قتال فلسطين كانت أول قوة عربية دخلت دمشق بقيادة سلطان باشا الأطرش مؤلفة من محاربي جبل الدروز سبقت الجيش العربي في دخوله المدينة. فأحتلت حي الميدان والجيش التركي على ضفة بردى ينسحب مشتتاً ومصطفى كمال قائده يقيم في فندق فكتوريا مقر قيادة الجيش التركي, على ضفة بردى مقابل دار الحكومة او دار الولاية, تحرسه قوة من جيش الصاعقة (بيلدرم اوردونسي) وعندما ارتفع العلم العربي ذو الالوان الخمسة على دار الحكومة نزل مصطفى كمال فوراً من الفندق وركب سيارته مغادراً دمشق مع حراسه بأتجاه الشمال, وكانت وراءه سرية اخرى من الصاعقة تنسف الجسور في طريقها لتعرقل تقدم جيش عدوه..

(توثيق): دخل الامير فيصل دمشق في 2 تشرين الاول 1918, واستقبل المهنئين بدار فخري البارودي الواقعة في حي القنوات, وما لبثت حكومة الجزائري ان استقالت وتشكلت حكومة جديدة برئاسة رضى الركابي نفسه الذي سمي بحاكم دمشق العسكري, وعين الامير عادل ارسلان معاوناً له ومستشاراَ للامير فيصل, كما عُين رشيد طليع مديراً للداخلية, وقد اعتذر سلطان باشا الاطرش عن قبول أي منصب حكومي بالرغم من الحاح الامير فيصل عليه بذلك ( مذكرات حلقة 4), بعد أيام قليلة جمع الأمير فيصل بديوانه في المهاجرين وجهاء الجبل المناوئين والمساهمين في الثورة, وبعد ان أبدي الأمير رغبته بإزالة آثار الخلافات تصافح الجميع وتعاهدوا على السير في خط واحد تحت راية الدولة العربية الناشئة. وقد عين الأمير سليم الأطرش حاكماً على الجبل, ونسيب الأطرش عضو في مجلس الشورى بدمشق.
أخذت بعد ذلك الأحزاب السياسية والجمعيات الوطنية تنشط في النوادي والمحاضرات والصحف داعية للوحدة الوطنية والحياة الاستقلالية الجديدة التي بدت كأنها تسير في مجراها الطبيعي.

من جهة ثانية بدى موقف فرنسا وانكلترا من القضية العربية يتكشف على حقيقته, وبدأت تظهر على الساحة أسرار معاهدة (سايكس بيكو), ويتوضح معها الخطر المحدق بالبلاد من جراء تقسيمها لمناطق نفوذ بين فرنسا وانكلترا.

(توثيق): في 20 اذار 1920, اعلن المؤتمر السوري استقلال سوريا بحدودها الطبيعية ومبايعة الأمير فيصل ملكاً عليها. يقول الدكتور الشهبندر ( المقالات ص 230) في 20 ايار 1920 تشكلت حكومة فيصلية على الشكل الاتي: هاشم بيك الاتاسي رئيساً - علاء بيك الدروبي للشورى - رضى بيك الصلح للداخلية - يوسف بيك العظمه للحربية - فارس بيك الخوري للمالية - ساطع بيك الحصري للمعارف - يوسف بيك الحكيم للتجارة والزراعة والاشغال العمومية - جلال بيك زهدي للعدلية - الدكتور الشهبند للخارجية.
استبشر المواطنون خيراً, وطفحت الافئدة بالامل خاصة عندما تسلمت القيادة في البلاد شخصيات وطنية مشهود لها بالاخلاص والجرأة والصلابة في مواجهة التحديات الفرنسية, مثل هاشم الاتاسي, فارس الخوري, عبد الرحمن الشهبندر وغيرهم... لكن كارثة ميسلون في 20 تموز 1920 جاءت بالضربة القاصمة التي ادت لانهيار الجبهة الوطنية, وبلبلت الاوضاع بالداخل. وقد كانت حملة سلطان باشا الاطرش بدعم الجيش الوطني في ميسلون قد وصلت إلى بلدة السجن شمال غرب السويداء, عندما وصلتها انباء دخول الجيش الفرنسي إلى دمشق وانسحاب الملك فيصل وحاشيته بأتجاه درعا, فأرسل سلطان باشا وفداً من حمد البربور وصياح الاطرش وعبدالله العبدالله, للإتصال به, ودعوته إلى الجبل لدراسة الموقف معه ومتابعة الكفاح ضد الفرنسين, وقد حاول الوفد اللحاق به حتى فلسطين, فلم يتمكن من مقاباته, حيث سافر إلى اوربا وعاد الوفد دون ان ينجح بمهمته.
( من مذكرات سلطان باشا ح 4 ) عند وصول الملك فيصل إلى درعا حصلت حوادث شغب عنيفة, حيث التفت حوله الجماهير واسقبلته بحرارة وحماس مما اغضب الفرنسين, فأرسلوا على جناح السرعة بعض اعضاء الحكومة بالقطار لتهدئة الوضع. وقد هاجمت الوفود المحتشدة القطار بمحطة خربة غزالة, فقتلت علاء الدين الدروبي رئيس الوزراء, والوزير عبدالرحمن اليوسف, ونجا الوزير عطا الايوبي. وكلهم من الوزارة التي شكلها الفرنسيون بعد دخولهم إلى دمشق لذلك ارسلت فرنسا جيشاً كبيراً, اشتبك معه الحورانيون بعدة معارك دامية كبيرة, كبدوه فيها خسائر فادحة في الارواح والعتاد, خاصة في المعركة الكبيرة التي وقعت قرب (نبع الكتيبة), حتى تغلب الجيش عليهم اخيراً بالكثرة والاسلحة الحديثة الفتاكة, فخضعوا مكرهين يترقبون الفرصة السانحة للانقضاض والثأر
===========
تم نقل الموضوع حرفيا كما ورد
شكرا لكل من ساهم ويساهم
بالبحث عن هذه المذكرات



.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كمال العنداري
صلخدي ماسي
كمال العنداري


عدد الرسائل : 817
العمر : 67
Localisation : الكويت
تاريخ التسجيل : 11/12/2009

مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923   مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 I_icon_minitimeالسبت 23 يناير 2010 - 0:25


تاريخ مشرف يدعو للفخر والاعتزاز
لكن للاسف وقع العرب بشباك معاهدة سايكس - بيكو وانتقلوا كما يقال من تحت الدلفة الى تحت المزراب
لكن بطولات الرجال ستظل منبراً يضيئ الطريق لكل الاجيال وتعطيهم درساً في الوطنية والحفاظ على الاوطان
وها هي السنوات تمر وتقترب الذكرى المئوية للثورة العربية التي طردت العثمانيين وما زال العرب في المعارك ضد الدول الطامعة ببلادنا
شكرا للاخ هيثم على المجهود الكبير


مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 196488
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هـيـثـم شحـاذه غـــزالــة
مشرف عام



عدد الرسائل : 4099
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923   مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 I_icon_minitimeالسبت 23 يناير 2010 - 2:33

الاخ العزيز
كمال العنداري

اشكر مرورك الكريم
واهتمامك الرائع
بغالبية المواضيع
ونشاطك المميز

وكم اتمنى الاهتمام الكبير
بمثل هذه المواضيع
التي تحكي تاريخ
المجد والكرامة
تقبل ودي احترامي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
غريب الدار
صلخدي ماسي



عدد الرسائل : 314
العمر : 60
تاريخ التسجيل : 10/01/2009

مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923   مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 I_icon_minitimeالسبت 23 يناير 2010 - 10:02

الاخ هيثم
شكرا لك لنشر هذه الصفحات المنيرة من تاريخنا الربي السوري واشهار البطولات والتضحيات التي قدمها اهلنا في جبل العرب الاشم
تقبل مروري لك جل احترامي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ست الحبايب
مشرفة



عدد الرسائل : 2006
العمر : 52
تاريخ التسجيل : 21/01/2009

مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923   مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923 I_icon_minitimeالسبت 23 يناير 2010 - 10:18

هذه المواضيع التي فعلا ترسخ بالاذهان

وعندما نقرأها نشعر بالمفارقات بين تلك الايام ايام البطولات الفردية والجماعية وبين ايامنا هذه او باالاحرى ايام الكمبيوتر والنت والبلوتوث ووووووو الخ

مفارقات بين شباب ذلك الزمان وبين شبابنا الان ويا ريت عاجبهم الوضع الراهن

الاخ هيثم ادامك الله لنا ولتذكيرنا بما قد تنسيناه في زحمة هذه الدنيا

ولك مني كل تقدير واحترام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مذكرات وطن\من مذكرات سلطان باشا الاطرش \الثورة الاولى1923
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» من هو سلطان باشا الاطرش
» وصية المغفور له \\سلطان باشا الأطرش \\
» \مذكرات وطن\ شهاب غزالة اول شهيد بالثورة السورية الكبرى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى صلخد :: ادبيات :: رجال من بلادي-
انتقل الى: